علم الاجتماع الرياضي


علم الاجتماع الرياضيتمهيد:
على الرغم من أن الطفل يولد وهو مزود بأنماط سلوكية وراثية وبيولوجية، مع استعداد لتقبل التكيف مع بيئته المحيطة، إلا أنّه بحاجة لمن يرشده ويأخذ بيده، كي يتعرف على الحاجات اللازمة ليستطيع العيش مع جماعته وهنا تأتي وظيفة التنشئة الاجتماعية.
إن موضوع التنشئة الاجتماعية الجوهري، هو الإنسان الذي يعيش في جماعته ويتفاعل مع مجتمعه، ضمن إطار ثقافي يؤمن به، ويتمسك بمحتواه من أجل المحافظة على تراثه المتراكم عبر الحقب التاريخية. وكلما ارتقى الإنسان وتقدمت وسائل الحضارة لديه، احتاج للتربية أكثر فأكثر واحتاج إلى واسطة تنقلها إلى الأفراد بشكل منظم، والتنشئة الاجتماعية هي آلية تستخدم في تنمية سلوك الفرد الفعلي في مدى أكثر تحديد وهو المدى المعتاد والمقبول طبقا لمعايير الجماعة التي نشأ فيها.
والمشكلة الرئيسية التي تطرحها التنشئة الاجتماعية وتتصدى لمواجهتها هي كيف نربي أولادنا، بحيث يصبحون أعضاء فاعلين قادرين على التكيف مع معطيات المجتمع الذي يعيشون فيه. 

علم الاجتماع الرياضي
1- تعريف علم الاجتماع الرياضي:
« إن علم الاجتماع الرياضي بلا شك هو أحد فروع العلوم الاجتماعية، والذي يهتم بالدراسة العلمية ولسلوك الأفراد أثناء ممارستهم للأنشطة الرياضية المختلفة والرياضة مظهر من مظاهر السلوك الاجتماعي للمجتمع، ولذلك فإن الاجتماع الرياضي يقوم بدراسة الرياضة كظاهرة اجتماعية وعلاقاتها بالنظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والبناء الاجتماعي للمجتمع ».
وفي هذا الصدد، يقول إدوارد
Edwards هو الدراسة العلمية للبناء والتركيب الاجتماعي والعمليات الاجتماعية في عالم الرياضة. و هو بذلك يمثل تطبيقات للموضوعات الاجتماعية و خصوصا هذا التركيب الاجتماعي و العمليات الاجتماعية لهذه المؤسسة لتحليل الرياضة كعنصر و كنظام اجتماعي في المجتمع» «كما أصبحت الرياضة في العصر الحاضر ظاهرة حضارية لها تأثيرها الفعال و مداها الواسع و تعقيداتها و لذلك فقد أصبحت أيضا ظاهرة اجتماعية تخدم التربية و الاقتصاد و الفن و السياسة و وسائل الاتصال و العلاقات الدولية، بل إنّ مداها أكثر من ذلك، فكل فرد أصبح مهتما بشكل أو بآخر بالرياضة و أنها على الرغم من ذلك لم تجد الاهتمام و الدرجة الكافية من الدراسة، و بالشكل الذي تستحق».
وفي الفصول اللاحقة سيتم تناول الرياضة بصفتها مؤسسة اجتماعية، وعلاقاتها مع المؤسسات الاجتماعية الأخرى

علم الاجتماع الرياضي
2- أهمية دراسة علم الاجتماع الرياضي:
«تكمن دراسة علم الاجتماع الرياضي في مجال الرياضة المدرسية بتعلم التلاميذ المهارات الرياضية في جماعات يطلق عليها فصول، أو جماعات النشاط الداخلي أو الخارجي، و يكون اهتمام المدرس موجها نحو العمل على إشراك جميع التلاميذ فيها درس التربية الرياضية و أيضا تكوين الفرق المدرسية، فمن الضروري إذن فهم المدرس لطبيعة هذه الجماعات و تكوينها و بنائها و تماسكها و تفاعلها و دورها في تعديل سلوك أفرادها، و يسهم علم الاجتماع الرياضي في إمداد المدرس بالمعلومات و الخدمات التي تدهم مهمته لتنمية سلوك الجماعة و معرفة طبيعة العلاقات الاجتماعية التي تنشأ بين التلاميذ بعضهم البعض و بينهم و بين المدرس كما تفيد في التعرف على كيفية تطور الجماعات الرياضية. و أهم العوامل التي تؤدي إلى استمرار الجماعة، كما نستعين بهذه الدراسة في العرف على كيفية تغير الجماعات الرياضية مثل تغيير الفريق كجماعة من وقت لآخر و أيضا التعرف على الاتجاهات الاجتماعية و دور الجماعات الرياضية في مشكلات الضبط و النظام و يساهم أيضا في تقديم معلومات بشأن نمو الجماعة و علاقة الجماعة بالجماعات الأخرى و بالبيئة الاجتماعية الاشمل و دراسة التفاعل الاجتماعي بين أعضاء الجماعة الرياضية و القادة، و بين الجماعة في فهم السلوك الاجتماعي للجماعات الرياضية المختلفة و التعرف على الدوافع الاجتماعية لسلوك تلك الجماعات، الأمر الذي يمكن المدرب الرياضي من توجيهه الوجهة السليمة».
 3- مجالات علم الاجتماع الرياضي:
«تعد الرياضة إحدى المؤسسات الاجتماعية المتميزة التي تمتلك قوة التأثير في الحلقات الاجتماعية المختلفة، و لتعدد مجالاتها و تعقيدها، فقد اتسم الإطار العام للبحوث و الدراسات التي تتناول الظواهر الاجتماعية المصاحبة للرياضة بالشمولية، حيث تناولت الدراسات الاجتماعية في الرياضة العديد من المواضيع التي تهم الفرد و الجماعة الصغيرة، و الأسرة و المحيط و المجتمع بأسره، امتدادا إلى المجتمع، لذلك و منذ بداية ظهور الدراسات في علم الاجتماع الرياضي تناولت بعض العلاقات بين الفرد و المشاركة الرياضية و المستوى الثقافي للفرد و كذا العلاقة بين المشاركة الرياضية و المستوى الاقتصادي و الاجتماعي للفرد و أيضا. 
بعض الاتجاهات نحو المشاركة بالرياضة ومدى تأثير الرياضة في تغيير ميول الفرد وبصفتها مؤسسة اجتماعية وعلاقاتها بالمؤسسات الأخرى، مثل الرياضة والسياسة والرياضة والدين، الرياضة والثقافة، الرياضة والفن، الرياضة والتعليم… الخ، كما تتطرق أيضا إلى ديناميكية الجماعات الرياضية».
4- التنشئة الاجتماعية:
علم الاجتماع الرياضي
4-1 تعريف التنشئة الاجتماعية:
«إن التنشئة الاجتماعية عملية تهدف إلى إعداد الطفل ثم الصبي فاليافع فالراشد، للاندماج في أنساق البناء الاجتماعي والتوافق والمعايير الاجتماعية، والقيم السائدة ولغة الاتصال والاتجاهات الخاصة بالأسرة التي ولد فيها، وبالجماعات التي ينضم إليها، ويطلق على عملية التنشئة الاجتماعية أحيانا عملية التنشئة والتطبيع الاجتماعي وأحيانا عملية التنشئة والتطبيع والاندماج الاجتماعي ويتضح من مناقشة العلماء لموضوع التنشئة الاجتماعية ارتباط كل أبعاد التنظيم السيكولوجي للفرد بعملية التنشئة الاجتماعية…»
ويعرف بارسونز التنشئة الاجتماعية بأنها عبارة عن عملية تعليم تعتمد على التلقين والمحاكاة والتوحد مع الأنماط العقلية والعاطفية والأخلاقية عند الطفل والراشد وهي عملية تهدف إلى إدماج عناصر الثقافة في نسق الشخصية وهي عملية مستمرة لا نهاية لها. ويرى آخرون أن التنشئة الاجتماعية عملية تعلم وتعليم وتربية، تقوم على التفاعل الاجتماعي، وتهدف إلى اكتساب الفرد سلوكا ومعايير واتجاهات مناسبة لأدوار اجتماعية معينة، تمكنه من مسايرة جماعته والتوافق الاجتماعي معها، وتكسب الطابع الاجتماعي وتيسر له الاندماج في الحياة الاجتماعية». 
«ويعرف أحمد سلامة وعبد السلام التنشئة الاجتماعية بأنها تلك العملية التي يتحول الفرد خلالها من طفل يعتمد على غيره متمركز حول ذاته لا يهدف في حياته إلا في إشباع حاجاته الفيزيولوجية إلى فرد ناضج يدرك معنى المسؤولية وكيف يتحملها ويعرف معنى الفردية والاستقلال ويستطيع أن ينشئ العلاقات الاجتماعية مع غيره مستمتع ويتمتع بها الغير».
 
4-2 التنشئة الاجتماعية في الرياضة:
علم الاجتماع الرياضي

«إن الهدف من دراسة التنشئة الاجتماعية في الرياضة، هو تقديم إطار عام يفسر كسف أن التأثيرات الاجتماعية والنفسية المختلفة باعتبارها جوانب من عملية التنشئة الاجتماعية يمكن أن تؤدي إلى قدر أكبر من المشاركة والأداء في النشاط البدني.
والتنشئة الاجتماعية في الرياضة تهدف إلى إكساب الفرد اللياقة البدنية والمهارة والحركية والمعلومات الرياضية المختلفة، وتنمية علاقاته الاجتماعية مع الأعضاء الآخرين في الفريق ومع الفرق الأخرى من خلال عمليات التفاعل الاجتماعي كما تهدف أيضا إلى تزويد الفرد بالقيم والاتجاهات ومعايير السلوك الرياضي القويم، أي أنها تنقل الثقافة إلى الأفراد لتؤهلهم لكي يكونوا مواطنين صالحين لديهم القدرة على التفاعل الإيجابي السليم مع المجتمع».
 
4-3 أهداف التنشئة الاجتماعية:
«إن التربية كعملية تشكيل للفرد على نحو تؤكد فيه علاقته بثقافة مجتمعه وبمطالبها الخاصة التي حددها المجتمع لمركزه الذي يشغله ولدوره الذي يمارسه نجدها متمثلة في عملية التنشئة الاجتماعية، ومن أبرز الوظائف والأدوار والأهداف التي تسعى التنشئة الاجتماعية في الوصول إليها سنعدد البعض منها كالتدريبات الأساسية لضبط السلوك وأساليب إشباع الحاجات وفقا للتحديد الاجتماعي، فمن خلال عملية التنشئة الاجتماعية، يكتسب الطفل من أسرته اللغة والعادات والتقاليد السائدة في مجتمعه، كذلك اكتساب المعايير الاجتماعية التي تحكم السلوك وتوجهه، إذ تنبثق المعايير الاجتماعية من أهداف المجتمع وقيمه ونظامه الثقافي بصفة عامة. فلكي يحقق المجتمع أهدافه وغاياته فإنه يقوم بغرس قيمه واتجاهاته في الأفراد وأيضا تعلم الأدوار الاجتماعية لكي يحافظ المجتمع على بقائه واستمراره وتحقيق رغبات أفراده وجماعاته، وكذلك اكتساب المعرفة والقيم والاتجاهات والرموز وكافة أنماط السلوك أي أنها تشمل أساليب التعامل والتفكير الخاص بجماعة معينة واكتساب العناصر الثقافية للجماعة والتي تصبح جزءا من تكوينه الشخصي. وهنا يظهر التباين في أنماط الشخصية بالإضافة إلى تحويل الطفل من كائن بيولوجي إلى كائن اجتماعي، حيث يكتسب الفرد صفته الاجتماعية ويتضح مما تقدم أن التنشئة الاجتماعية تعمل على بناء شخصية الفرد المتماثلة مع قيم واتجاهات وعادات مجتمعه، أي أن الفرد يتشرب من ثقافة مجتمعه بوساطة عملية التنشئة الاجتماعية.
وتختلف الثقافات في تقييمها للأنماط السلوكية المفضلة، فبعض الثقافات تعمل على تقدير سلوك معين وتشجعه في حين تقوم ثقافة أخرى على رفض هذا السلوك».
 
5- الجماعة وتفاعلها:
علم الاجتماع الرياضي

5-1 مفهوم الجماعة:
«هناك اختلاف كبير بين العلماء في تحديد معنى الجماعة، وهناك من يطلق لفظ الجماعة على شخصين أو أكثر على أساس القرب المكاني بين الأفراد، بينما يرى البعض أن تعريف الجماعة يقتضي الانتماء إلى هيئة أو منظمة رسمية كالموظف في هيئة أو مصلحة وأفراد الديانة الواحدة.
وتطلق الجماعة على أفراد لا يشترط أن يكونوا متقاربين في المكان ولا يشترط أن يعرف بعضهم بعضا. كالأفراد الذين يدفعون الضريبة مثلا، غير أن مثل هذه التعاريف لا تؤدي الغرض الذي تهدف إليه فليس الجماعة مجرد عدد من الأفراد وجدوا في مكان بسبب عارض كاجتماع المارة في الطريق لرؤيتهم حريقا أو حادث اصطدام أو مشاهدة منافسة رياضية».
«ويرى البعض الآخر أن الجماعة عبارة عن فردين أو أكثر يسلكون تبعا لمعايير مشتركة ولكل منهم دورا في الجماعة يؤديه، مع تداخل هذه الأدوار بعضهم مع بعض والسعي لتحقيق هدف مشترك، ويقوم هذا كله على ما يسمى بعملية التفاعل بين الأعضاء.
و يرى بعض العلماء أنه ليس من الضروري توفر الشروط لوجود الجماعة، ففي رأيهم أنه إذا كان لدينا مثلا اثنان من السابحين لا يعرف أحدهما الآخر و ذهب إلى الاستحمام في البحر كل منهما منفرد و ابتعد كل منهما ميلا عن الشاطئ، فعلى الرغم من عدم وجود أي تفاعل بينهما فإن رؤية أحدهما للآخر تبعث الاطمئنان في كل نفس منهما كما أنه ليس من الضروري أن يكون الهدف مشتركا بينهما، إذ لا يوافق أحدهما الآخر على الدور الذي يقوم به، كما قد تنعدم المعايير المشتركة بينهما و مع ذلك ففي رأي هؤلاء العلماء أن هذين الاثنين يكونان جماعة».
 
5-2 مفهوم الجماعة الرياضة:
«إن تعريف الجماعة ليس بالشيء السهل أو البسيط، فالجماعة شيء معقد بدرجة كبيرة، فعلى سبيل المثال قد يتم اعتبار فريق كرة القدم أو الطائرة وغير ذلك من الفرق أنها جميعا جماعات، ولكن ماذا بشأن العديد من الأفراد الذين يجتمعون في أي وقت لممارسة بعض الرياضات أو التجمع لمشاهدة مباراة في كرة القدم، إنه ليس بالضرورة أن مجموعة من الأفراد يشكلون جماعة.
إن الدليل الذي يحدد سمات الجماعة هو وجود تفاعل بين الأعضاء والاعتماد على بعضهم البعض ويشاركون في الأهداف، ويجب أن توجد مشاعر الانجذاب
الشخصي بين أعضاء الجماعة وتظهر أيضا الجماعات الاعتماد المتبادل في المهمة. فعلى سبيل المثال، يجب أن يتفاعل اللاعبون في الرياضات الجماعية في الهجوم والدفاع ويعتمدون على بعضهم لأداء المهام.
والشيء الأكثر أهمية أن الجماعة تحتاج للشعور بالهوية الجماعية وعلى أنها وحدة متميزة عن الجماعات الأخرى وعندما نفكر في الفرق، فما يخطر على أذهاننا عادة هو أن الجماعة الرياضية هي مجموعة من اللاعبين يعملون معا من اجل تحقيق أهدافهم الفردية والجماعية».
 5-3 تركيب الجماعة:
«إن تركيب الجماعة يشير إلى خصائص أعضاء الجماعة، وتشتل هذه الخصائص على السمات البدنية، والقدرات العقلية والحركية والاتجاهات، والدوافع وسمات الشخصية والجوانب الاجتماعية مثل العمر والتعليم والديانة والوظيفة والمكانة الاجتماعية، ويمكن دراسة تأثيرات تركيب الجماعة من خلال الكمية (كمية الموارد في الجماعة) ودرجة التنوع (تنوع قدرات وسمات الجماعة) واستكمال خصائص الأعضاء.
فبالنسبة لكمية الموارد في الجماعة، فتمثل عن طريق متوسط أو مجموع خصائص معينة وثيقة الصلة بالموضوع ستقوم بالأداء بشكل أفضل. ولقد قام ‘كوبر وباين’ ‘Cooper & Payne’ (1967) بدراسة تقييمية لشخصية لاعبي ومدربي كرة القدم ومدى توجههم نحو المهمة والذات والاندماج عند الممارسة. وقد أشارت النتائج إلى نجاح الفرق لارتباطها بتوجيهات المديرين الفنيين والمدربين.
وفي دراسة أخرى لنفس العالمين سنة (1972)، أشارت النتائج إلى أن التوجه العالي نحو المهمة والتوجه المنخفض تجاه الذات والاندماج للاعبين كانت مرتبطة بصورة ايجابية بنجاح الفرق.
وبالنسبة لدرجة التنوع في قدرات الجماعة، فيقصد بها درجة التباين في سمات وقدرات أعضاء الجماعة ومن خلال بعض الدراسات لبعض العلماء تبين أن الجماعات مختلفة الصفات يكون أداؤها أفضل من الجماعات التي تتميز بالانسجام وذلك لكون الفرد الأقوى تأثيرا ايجابي على الفرد الأضعف عن طريق تحسين تعلمه ودافعيته.
أما استكمال الخصائص بين الأعضاء فهذا يشير إلى وجود علاقة بين استكمال خصائص الجماعة وبين أداء الجماعة، ففي بعض الدراسات، مثلا في رياضة التنس، كان هناك اختلاف في أسلوب لعب فرق الرجال على فرق النساء إذ أنّ كلا من الجنسين كان يعتمد كثيرا على تقنية معينة والتركيز عليها كثيرا وهذا راجع إلى الفروق في أسلوب لعب كل منهما».
 
5-4 أنواع الجماعات:
علم الاجتماع الرياضي

هناك ثلاث أنواع من الجماعة:
 5-4-1- الجماعة الأولية:
«الجماعة الأولية هي اللبنة الأساسية في صرح المجتمع، وهي عريقة في القدم تمتد جذورها إلى نشأة الحياة الإنسانية وتعاصر الإنسان الأول وهي أساسية جوهرية في تكوين الفرد لأنها تشبع حاجاته الرئيسية وهي عامة بين أفراد النوع الإنساني كافة في مختلف بقاع الأرض وخلال الأجيال المتعاقبة ومن أمثلة الجماعة الأولية ‘الأسرة ورفقاء اللعب والجيران’.
وفي تلك الجماعات تبرز شخصية الفرد وتتشكل إلى حد كبير، وغفي نطاقها الضيق يتلقى الفرد مؤثراته الاجتماعية الأولى ويتلقى لأول مرة مؤثرات الثقافة وتتشرب نفسه المعايير الاجتماعية والخلقية والاتجاهات النفسية الهامة، ودراسة أثر الجماعة الأولى في السلوك الاجتماعي يؤدي بنا إلى فهم السلوك للفرد في الجماعات الكبيرة المعقدة المتشابكة التي يسلك أفرادها سلوكا يسفر عن ألوان مختلفة متباينة من ثقافات عدة وتتلخص الخصائص المهمة للجماعة الأولية في عدة نقاط نذكر منها: 
نوع الاتصال الاجتماعي أي وجها لوجه أو اتصال مباشر للسمع والبصر والشم وكذلك درجة الاتصال الاجتماعي سواء من ناحية الاتصال كثير التكرار في مراحل الطفولة ثم تقل مرات التكرار في المراحل التالية وأيضا الحدة الانفعالية للاتصال مثلا اتصال يترك في نفوس الأفراد طابعا خاصا وذكريات تبقى مدى الحياة وكذا مدى الارتباط ومدى الاستقلال كأن تكون هناك أفكار مشتركة وطموح متقاربة واستقلال عاطفي نوعا ما».
 
5-4-2- الجماعة الوسطى:
«تقوم هذه الجماعة على علاقات تقترب في جوهرها من العلاقات المباشرة الشخصية وتتميز أحيانا باتجاهات متشابهة أو مختلفة نوعا ما، كجماعة أحد الفصول في مدرسة ما، أو كالجماعة التي تتكون من سكان أحد الأحياء في القرية.
وتتلخص أهم الخصائص للجماعة الوسطى في عدة نقاط نذكر منها: نوع الاتصال الاجتماعي ودرجة الاتصال الاجتماعي إذ تتشابه الأهداف أحيانا وقد تختلف أحيانا أخرى إلى حد ما وأيضا الحدة الانفعالية للاتصال سواء أكان الاتصال سطحيا وعلاقات شكلية أو قريبة من الشكلية وكذلك مدى الارتباط ومدى الاستقلال في رغبات وميول تكاد تكون مشتركة وأيضا تأكيد الناحية الفردية في السعة لتحقيق نواحي الطموح المختلفة والاستقلال العاطفي نوعا ما».
وتعتبر الجماعة الوسطى هي الجماعة التي بصدد دراستها والتطرق إلى جميع الجوانب المحيطة بها.
 
5-4-3- الجماعة الثانوية:
«يتميز تكوين الجماعات الثانوية عن الجماعات الأولية بالقصد والاختيار وتمثل هذه الجماعات الرغبات والحاجات العامة للأفراد ولا تعتمد دائما على العلاقات الاجتماعية المباشرة بين الأفراد التي تقوم على مقابلة الأفراد بعضهم مع البعض الآخر ووجها لوجه بين الحين والآخر بل تعتمد على وسائل الاتصال غير المباشرة كالصحف والهاتف وغيرها.
ومثال ذلك الهيئات العلمية، فقد ينتسب الفرد إلى جمعية علمية ويصبح عضوا فيها دون أن يقابل جميع أعضائها، وقس على ذلك الأحزاب السياسية والنقابات المهنية، وبالرغم من أن هذه الجماعات تمثل رغبات عامة إلا أنها تتطلب من أفراد الجماعة تنظيما وتنسيقا يفوق ما تطلبه الجماعات الأولية وتواجه الحضارة الراهنة طغيان الجماعات الثانوية على الجماعات الأولية. لكن ليس معنى هذا زوال أثر الجماعة الأولية من حياة الفرد الاجتماعية فكل ما يكتسبه الفرد من عادات واتجاهات في جماعته الأولية ينتقل إلى نواحي نشاطه المختلفة في الجماعات الثانوية.
وتتلخص أهم خصائص الجماعة الثانوية في نوع الاتصال الاجتماعي، فغالبا ما يكون الاتصال غير شخصي وغير مباشر وقوام هذا النوع من الجماعات الاتصال الآلي الميكانيكي. ومن أمثلة الصحف والدوريات العلمية والهاتف والراديو، وكذلك نعدد الحدة الانفعالية للاتصال ودرجة تكرار الاتصال الاجتماعي بالنسبة للزمان والمكان ومدى الارتباط ومدى الاستقلال كأن تكون هناك آراء لفظية مشتركة أو تحفظ تام بالنسبة للأهداف وضروب الطموح المختلفة والاستقلال العاطفي إلا في الأزمات التي تمس جميع أفراد الجماعة»
 
5-5 أهمية الجماعة:
علم الاجتماع الرياضي

5-5-1- أهمية الجماعة بالنسبة للمجتمع:
«يعيش الإنسان منذ ولادته حتى مماته عضوا في المجتمع عن طريق جماعته التي ينتسب إليها، باعتبارها خلية في المجتمع تؤدي دورا معينا، والحياة في المجتمع تعني أن يظل الإنسان دائما تحت ضغط وتأثير هذا المجتمع، فالمجتمع هو عبارة عن تجمع منظم من الأفراد الذين يتفاعلون معا في جماعات مختلفة، حيث تتوحد جهودهم في سبيل تحقيق أهداف مشتركة، وتميل الجماعات الاجتماعية في المجتمع الواحد إلى اكتساب معتقدات وأفكار متماثلة نسبيا، كما تتخذ أنماطا سلوكية مشتركة أو متقاربة».
«كما تساهم الجماعة في بناء المجتمع الحديث بدور فعال وذلك عن طريق المساهمة في نمو وتقدم وتحسن المجتمع وضمان استمرار الحياة الاجتماعية كما نجد أن جميع المؤسسات الاجتماعية كالمدارس ودور العبادة والمصانع وغيرها إنما هي نتيجة لجهود الجماعة وكذا جميع أوجه النشاط الاقتصادي تقوم على أساس التفاعل الاجتماعي. وكما أن سعادة الإنسان لا تتحقق إلا عن طريق التفاعل الاجتماعي الصحي وثمرة جهد الجماعات على المستوى الصغير والكبير يتجلى في البلد والمدينة والإقليم والوطن».
 
5-5-2- أهمية الجماعة بالنسبة للفرد:
«يتصل الإنسان في أثناء حياته العادية بأنواع مختلفة من الجماعات. تلك الجماعات هي تجميع للثقافة العامة في المجتمع، ومن خلال اتصاله بها، يتعلم الفرد معظم أنماط السلوك الواجب عليه إتباعها، كما أن الفرد ينشط في التفاعل الاجتماعي مع أنواع مختلفة من الأفراد والجماعات، ومن خلال هذا التفاعل يكتسب شخصيته ومقوماتها.
ترجع أهمية الفرد إلى انتمائه إلى الجماعة، ويعتمد الفرد في نموه الاجتماعي على الجماعة التي تقوم بتنشئته اجتماعيا حين يتفاعل مع أعضائها ة يتعلم السلوك الاجتماعي ومعاييره الاجتماعية وأدواره.
و تتبلور أهمية الجماعة بالنسبة للفرد في نموه الاجتماعي، ففي الجماعة يكتسب الفرد المعايير الاجتماعية للسلوك و تتبلور آراؤه الشخصية كما تتكون لديه صداقات جديدة متعددة عن طريق التفاعل الاجتماعي التي ليست في الواقع سوى آراء اجتماعية تعبر عن الجماعة التي ينتسب إليها أو يرغب في الانتساب إليها كما يتعلم الفرد السلوك الاجتماعي المناسب عن طريق الجماعة و تعلم الكثير عن نفسه و زملائه، فالجماعة معمل ممتاز لإمكانات التعلم، و يجد الفرد أيضا المتعة و الرضا في عمله في الجماعة و زيادة على هذا تنمي لديه المهارات بدرجة أكثر فكل مهارات و فنون الاتصال الإنساني تنمو في تناسق مع بعضها البعض، و أيضا ينمو لديه التفكير و التعبير عن النفس و القدرة على  حل المشكلات و اكتساب القيم و تنمو المبادئ كنتائج للحياة مع الآخرين عن طريق التفاعل الاجتماعي، كما يشعر الفرد بالاعتزاز بالمشاركة في الجماعة و القيام بمسؤولياته و تحقيق المكانة الاجتماعية كمواطن صالح. وأخيرا يستمد الفرد قوة هائلة وشعورا بالأمن والاطمئنان وإشباعا لحاجاته للانتماء للجماعة».
 
5-6 العوامل التي تحول دون تماسك الجماعة:
«إن من بين العوامل التي تحول دون تماسك الجماعة واختلافها أشياء كثيرة وآراء مختلفة نذكر منها التعارض بين الشخصيات في الجماعة وصراع المهمة أو الأدوار الاجتماعية بين أعضاء الجماعة وكذلك انهيار الاتصالات بين أعضاء الجماعة أو بين قائد الجماعة والأعضاء والتحول المتكرر لأعضاء الجماعة إضافة إلى عدم الاتفاق على أهداف الجماعة وكذا نقص التفاعل بين الأعضاء. زيادة على ذلك، نقص التعاون وزيادة التنافس بين أعضاء الجماعة وانخفاض مكانة الفرد داخل الجماعة، وأخيرا، سيادة الجو الاستبدادي وشعور الأعضاء بسيطرة أفراد معينين على الجماعة». 
خلاصة:

من خلال الدراسة النظرية التي أجريناها في هذا الصدد والتي تتعلق بالتنشئة الاجتماعية وعلم الاجتماع الرياضي والجماعة وتفاعلها سواء من ناحية المفهوم أو الأهداف والأهمية، تبين أن كل عنصر من العناوين السابقة مكمل للآخر إذ أن كلها تنصب في قالب واحد وهو علم الاجتماع، كما تعرفنا على أنواع الجماعة وتطرقنا الى الجماعة التي نحن بصدد دراستها وأهمية الجماعة بالنسبة للفرد والمجتمع والعوامل التي تحول دون تماسكها

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اشارات التحكيم في كرة اليد

اشارات الحكام : كرة السلة

الاساليب التدريبية : التدريب البلايومتري Plyometric Training